الأدوات المالية بالعملات الأجنبية

عادة ما تحتفظ المنشآت باستثمارات أو تصدر التزامات في شكل أدوات مالية بعملات أجنبية.

السؤال المتكرر في المحاسبة عن هذه الأدوات هو كيفية معالجة فروق العملة التي قد تنتج عن التغير في أسعار الصرف، وكيف يؤثر أو يتعارض معيار المحاسبة المصري رقم (26) “الأدوات المالية: الاعتراف والقياس” مع معيار المحاسبة المصري رقم (13) “آثار التغيرات في أسعار صرف العملات الأجنبية”؟

إن قواعد القياس في ظل معيار 26 لا تتعارض عموماً مع معيار 13 إلا في حالات محدودة عندما يتم تطبيق محاسبة التحوط. ولن نتعرض في هذا المقال لمحاسبة التحوط بالتفصيل وأثرها على معالجة فروق العملة.

وفقاُ لمعيار 13، يتم الاعتراف بجميع المعاملات التي تتم بعملة أجنبية باستخدام سعر الصرف الفوري (spot rate) في تاريخ المعاملة. والسعر الفوري هو السعر الذي يمكن به استبدال عملتين فوراً. هذا ويتم التحويل بين عملة المعاملة وعملة القيد (العملة الوظيفية) لجميع معاملات الأدوات المالية التي تتم بعملات أجنبية باستخدام سعر الصرف الفوري لهذه العملات وذلك بغض النظر عما إذا كانت الأداة سيتم قياسها لاحقاً بالتكلفة، أو التكلفة المستهلكة أو بالقيمة العادلة.

ويتم الاعتراف بالمكاسب أو الخسائر المرتبطة بالأدوات المالية مثل الفوائد والاضمحلال في قائمة الأرباح أو الخسائر باستخدام سعر الصرف الفوري في تاريخ نشأة هذه المكاسب أو الخسائر. ويتم الاعتراف بإيراد التوزيعات في قائمة الأرباح أو الخسائر عند ثبوت حق المساهم في هذه التوزيعات، وذلك وفقاً لفقرة 30 من معيار الإيراد رقم (11). ولإثبات إيراد التوزيعات، يتم استخدام سعر الصرف في ذلك التاريخ، والذي عادة ما يكون تاريخ إعلان التوزيعات. ويسمح معيار 13 باستخدام سعر صرف متوسط لإثبات المعاملات عندما يمثل هذا السعر المتوسط تقريب مناسب للسعر الفوري.

بعد الاعتراف الأولي، يعتمد القياس اللاحق للأصول والالتزامات المالية بالعملات الأجنبية على ما إذا كانت ذات طبيعة نقدية أم لا. ويعرف معيار 13 البنود ذات الطبيعة النقدية بأنها النقدية المحتفظ بها والأصول والالتزامات التي سوف تُحصل أو تُدفع بوحدات ثابتة أو قابلة للتحديد من العملة. وتعد أدوات الدين والمشتقات المالية من البنود ذات الطبيعة النقدية بينما تعد أدوات حقوق الملكية من البنود غير ذات الطبيعة النقدية.

والقاعدة العامة في ظل معيار 13 هي ترجمة البنود ذات الطبيعة النقدية باستخدام سعر الصرف في تاريخ المركز المالي، وأن ترحل فروق العملية الناتجة إلى قائمة الأرباح أو الخسائر للفترة التي تنشأ فيها هذه الفروق. ويستثنى من ذلك فروق العملة المتعلقة ببنود ذات طبيعة نقدية تم تعيينها كأدوات تحوط تدفقات نقدية أو تحوط صافي الاستثمار في أنشطة أجنبية، وترحل فروق العملة في هذه الحلات إلى حقوق الملكية.

إذا تم تطبيق القواعد المبينة أعلاه على أدوات دين مثل المدينون التجاريون أو أي أدوات مشابهة يتم القياس اللاحق لها في ظل معيار 26 بالتكلفة المستهلكة، لن تجد عادة مشكلة في القياس والاعتراف.

فعلى سبيل المثال، إذا قامت المنشأة بالبيع بالأجل بمبلع مليون دولار أمريكي عندما كان سعر الصرف أمام الجنيه المصري (عملة القيد) يساوي 7 جنيه للدولار، سوف يتم تسجيل المبيعات والمدينين في تاريخ البيع بمبلغ 7 مليون جنيه (معادل 1 مليون دولار).  فإذا تغير سعر الصرف في نهاية الفترة إلى 7.5 جنيه للدولار، يجب إعادة تقييم مبلغ المدينين وإثبات الفرق البالغ 500 ألف جنيه في قائمة الأرباح أو الخسائر (مكاسب فروق عملة) وتظهر المدينون في المركز المالي بمبلغ 7.5 مليون جنيه (المعادل الجديد لمبلغ 1 مليون دولار).

أما إذا كانت الأداة المطلوب تطبيق القواعد المبينة أعلاه يتم قياسها بالقيمة العادلة من خلال بنود الدخل الشامل الأخر (مثل سند مبوب متاح للبيع)، قد تصبح الأمور غامضة.  عند تطبيق معيار 13 على الأدوات ذات الطبيعة النقدية بالعملة الأجنبية المبوبة متاحة للبيع، يجب التعامل معها وكأنها يتم قياسها بالتكلفة المستهلكة بالعملة الأجنبية الأصلية. وبالتالي، يتم الاعتراف لمثل هذه الأصول المالية بإيرادات الفوائد وخسائر الاضمحلال وكذلك فروق العملة في الأرباح أو الخسائر.  وفيما يلي مثال مبسط لشرح تطبيق هذه القاعدة:

اشترت المنشأة في 1 يوليو 2015 شهادات إيداع بالدولار الأمريكي بالقيمة العادلة التي بلغت وقتها 1,000 دولار. وتستحق الشهادات بعد سنة من تاريخ اقتنائها بفائدة 10% وقامت المنشأة بتبويب الأداة متاحة للبيع. وكانت القيمة العادلة للأداة بما في ذلك الفوائد المستحقة تبلغ 1,060 دولار أمريكي في 31 ديسمبر 2015.  بافتراض أن أسعار الصرف بين الجنيه المصري (عملة القيد) والدولار الأمريكي كانت كالتالي:

1 يوليو 2015           7.5 جنيه للدولار

31 ديسمبر 2015      7.7 جنيه للدولار

سوف يكون القيد عند الاعتراف الأولي باستخدام سعر الصرف الفوري في تاريخ المعاملة كالتالي:

7,500 من حـ/استثمارات متاحة للبيع (شهادات إيداع)

7,500 إلى حـ/ البنك

فيما يلي جدول التكلفة المستهلكة بالعملة الأجنبية (الدولار الأمريكي)

التاريخ                          الفائدة                 الرصيد

1 يوليو 2015                  0                   1,000

31 ديسمبر 2015            50                 1,050

حيث أن المنشأة قامت بتبويب الشهادات متاحة للبيع، يتم استخدام جدول التكلفة المستهلكة بالعملة الأصلية لأغراض تطبيق معيار 13.  لذلك، تم حساب جدول التكلفة المستهلكة التالي بالجنيه المصري باستخدام أسعار الصرف المعلنة (متوسط سعر الصرف 7.6 لأغراض تسجيل الفوائد):

التاريخ                          الفائدة                 الرصيد

1 يوليو 2015                  0                   7,500

31 ديسمبر 2015            380               7,880

إذا تمت ترجمة التكلفة المستهلكة بالعملة الأصلية إلى الجنيه المصري بسعر 31 ديسمبر 2015، سيكون المعادل هو 8,085 جنيه وبمقارنته بالتكلفة المستهلكة في الجدول السابق، ستكون فروق العملة المطلوب الاعتراف بها تبلغ 205 جنيه (8,085 – 7,880).

حيث بلغت القيمة العادلة للشهادات في 31 ديسمبر 2015 مبلغ 1,060 دولار، يكون المعادل بسعر الصرف في ذاك التاريخ هو 8,162 جنيه وهو يزيد عن التكلفة المستهلكة أعلاه بمبلغ 77 جنبيه (8,162 – 8,085) يتم الاعتراف بهذا الفرق في بنود الدخل الشامل الأخر كأرباح تغير في القيمة العادلة للاستثمارات المتاحة للبيع.

أما إذا كانت الاستثمارات المتاحة للبيع تتمثل في أدوات حقوق ملكية (أسهم مثلاً)، فلا يجب أن نشغل بالنا بموضوع العملة الأجنبية، حيث أن جميع التغيرات في القيمة أيً كان سببها سوف تعامل على أنها تغيرات في القيمة العادلة للأداة.

أرجو أن يكون هذا الموضوع قد أجاب على الأسئلة التي تثور كثيراً حول معالجة فروق العملة للأدوات المالية ويلاقي إعجابكم.

4 responses to “الأدوات المالية بالعملات الأجنبية

  1. محاضرة مفيده جدا،،،ولو ممكن حضرتك توضح لنا اثر فروق العملة الناتجة عن الشراء والبيع للعملات من السوق الموازية بدون مستندات وباسعار اعلى بكثير من سوق الصرف الرسمية من وجهة النظر المحاسبية ووجهة نظر مراجعين الحسابات

  2. موضوع جيد..بالفعل كان هذا الموضع محل نقاش بالنسبة لى شخصياً مع مجموعة من الزملاء منذ عده شهور …شكراً للإفادة وبارك الله فى حضرتك

Leave a Reply